صدقة جارية
تفسير اية رقم ١٩٩_٢٠٠
من سورة ال عمران
﴿وَإِنَّ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَـٰبِ لَمَن یُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَمَاۤ أُنزِلَ إِلَیۡكُمۡ وَمَاۤ أُنزِلَ إِلَیۡهِمۡ خَـٰشِعِینَ لِلَّهِ لَا یَشۡتَرُونَ بِـَٔایَـٰتِ ٱللَّهِ ثَمَنࣰا قَلِیلًاۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ لَهُمۡ أَجۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِیعُ ٱلۡحِسَابِ (١٩٩) یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱصۡبِرُوا۟ وَصَابِرُوا۟ وَرَابِطُوا۟ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ (٢٠٠)﴾ [آل عمران ١٩٩-٢٠٠]
يخبرُ تَعَالَى عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أَنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ حَقَّ الْإِيمَانِ، وَبِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ، مَعَ مَا هُمْ يُؤْمِنُونَ بِهِ مِنَ الْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَأَنَّهُمْ خَاشِعُونَ لِلَّهِ، أَيْ: مُطِيعُونَ لَهُ خَاضِعُونَ مُتَذَلِّلُونَ بَيْنَ يَدَيْهِ، ﴿لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلا﴾ أَيْ: لَا يَكْتُمُونَ بِأَيْدِيهِمْ مِنَ الْبِشَارَاتِ بِمُحَمَّدٍ ﷺ، وَذَكَرَ صِفَتَهُ وَنَعْتَهُ وَمَبْعَثَهُ وَصِفَةَ أُمَّتِهِ، وَهَؤُلَاءِ هُمْ خِيرَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ وَصَفْوَتُهُمْ، سَوَاءً كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْقَصَصِ: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ. وَإِذَا يُتْلَى(١) عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ. أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا﴾ الْآيَةَ [الْقَصَصِ:٥٢-٥٤] ، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ﴾ الْآيَةَ [الْبَقَرَةِ:١٢١] ، وَقَالَ: ﴿وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ﴾ [الْأَعْرَافِ:١٥٩] ، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ﴾ [آلِ عِمْرَانَ:١١٣] ، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأذْقَانِ سُجَّدًا. وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولا. وَيَخِرُّونَ لِلأذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا﴾ [الْإِسْرَاءِ:١٠٧-١٠٩] ، وَهَذِهِ الصِّفَاتُ تُوجَدُ فِي الْيَهُودِ، وَلَكِنْ قَلِيلًا كَمَا وُجِدَ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَأَمْثَالِهِ مِمَّنْ آمَنُ مِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ وَلَمْ يَبْلُغُوا عَشْرَةَ أنفُس، وَأَمَّا النَّصَارَى فَكَثِيرٌ مِنْهُمْ مُهْتَدُونَ وَيَنْقَادُونَ لِلْحَقِّ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى [ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ. وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ. وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ.(٢) ] فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا﴾ الْآيَةَ [الْمَائِدَةِ:٨٢-٨٥] ، وَهَكَذَا قَالَ هَاهُنَا: ﴿أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ [إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ](٣) ﴾ الآية.وَقَدْ ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، لَمّا قَرَأَ سُورَةَ ﴿كهيعص﴾ بِحَضْرَةِ النَّجَاشِيِّ مَلِكِ الْحَبَشَةِ، وَعِنْدَهُ الْبَطَارِكَةُ وَالْقَسَاوِسَةُ(٤) بَكَى وبَكَوْا مَعَهُ، حَتَّى أخْضَبُوا(٥) لِحَاهُم.وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ النَّجَاشِيَّ لَمَّا مَاتَ نَعَاه النَّبِيُّ(٦) ﷺ إِلَى أَصْحَابِهِ، وَقَالَ: "إِنَّ أَخًا(٧) لَكُمْ بِالْحَبَشَةِ قَدْ مَاتَ فصَلُّوا عَلَيْهِ". فَخَرَجَ [بِهِمْ](٨) إِلَى الصَّحْرَاءِ، فَصفَّهم، وَصَلَّى عَلَيْهِ(٩) .وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالْحَافِظُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: لَمَّا تُوُفي النَّجَاشِيُّ قَالَ رسولُ اللَّهِ ﷺ: اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ. فَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: يَأْمُرُنَا أَنْ نَسْتَغْفِرَ لِعِلْج مَاتَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ. فَنَزَلَتْ: ﴿وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنزلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ﴾ الْآيَةَ.وَرَوَاهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ(١٠) أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنِ الْحَسَنِ(١١) عَنِ النَّبِيِّ ﷺ(١٢) . ثُمَّ رَوَاهُ ابْنُ مَرْدويه [أَيْضًا](١٣) مِنْ طُرُقٍ عَنْ حُمَيْد، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ(١٤) .وَرَوَاهُ أَيْضًا ابْنُ(١٥) جَرِيرٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرِ الهُذَلي، عَنْ قَتَادة، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّب، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ [لَنَا](١٦) رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حِينَ مَاتَ النَّجَاشِيُّ: "إِنَّ أَخَاكُمْ أصْحَمة قَدْ مَاتَ". فَخَرَجَ رسولُ اللَّهِ ﷺ فصلَّى كَمَا يُصَلِّي عَلَى الْجَنَائِزِ فَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا، فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ: يُصَلِّي عَلَى عِلْجٍ مَاتَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ [عَزَّ وَجَلَّ](١٧) ﴿وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ [وَمَا أُنزلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلا أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ](١٨) ﴾(١٩) .وَقَدْ رَوَى الحافظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ أَنْبَأَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ السَّيَّارِيُّ بِمَرْوٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ الْغَزَّالُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، أَنْبَأَنَا مُصْعَبُ بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: نَزَلَ بِالنَّجَاشِيِّ عَدُوّ مِنْ أَرْضِهِمْ، فَجَاءَهُ الْمُهَاجِرُونَ فَقَالُوا: نُحِبُّ(٢٠) أَنْ نَخْرُجَ إِلَيْهِمْ حَتَّى نُقَاتِلَ مَعَكَ، وَتَرَى جُرْأَتَنَا، وَنَجْزِيَكَ بِمَا صَنَعْتَ بِنَا. فقال: لا دواء بِنُصْرَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ خَيْر مِنْ دَوَاءٍ بِنُصْرَةِ النَّاسِ. قَالَ: وَفِيهِ نَزَلَتْ: ﴿وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنزلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ﴾ الْآيَةَ، ثُمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ(٢١) .وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرو الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: لَمَّا مَاتَ النَّجَاشِيُّ كُنَّا نُحَدِّث أَنَّهُ لَا يَزَالُ يُرَى عَلَى(٢٢) قَبْرِهِ نُورٌ(٢٣) .وَقَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيح، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ﴾ يَعْنِي: مُسْلِمَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ.وَقَالَ عَباد بْنُ مَنْصُورٍ: سَأَلْتُ الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ [وَمَا أُنزلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ] ﴾(٢٤) الْآيَةَ. قَالَ: هُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَ مُحَمَّدٍ ﷺ، فَاتَّبَعُوهُ وَعَرَفُوا الْإِسْلَامَ، فَأَعْطَاهُمُ اللَّهُ تَعَالَى أَجْرَ اثْنَيْنِ(٢٥) لِلَّذِي(٢٦) كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ الْإِيمَانِ(٢٧) قَبْلَ مُحَمَّدٍ ﷺ وَبِالَّذِي اتَّبَعُوا مُحَمَّدًا ﷺ. رَوَاهُمَا ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ، عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "ثَلَاثَةٌ يُؤتَوْنَ أجرَهم مَرَّتَيْنِ" فَذَكَرَ مِنْهُمْ: "وَرَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمَنَ بِنَبِيِّهِ وَآمَنَ بِي"(٢٨) .
* * *وَقَوْلُهُ: ﴿لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلا﴾ أَيْ: لَا يَكْتُمُونَ مَا بِأَيْدِيهِمْ مِنَ الْعِلْمِ، كَمَا فَعَلَهُ الطَّائِفَةُ الْمَرْذُولَةُ مِنْهُمْ(٢٩) بَلْ يَبْذُلُونَ ذَلِكَ مَجَّانًا؛ وَلِهَذَا قَالَ: ﴿أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾قَالَ مُجَاهِدٌ: ﴿سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ يَعْنِي: سَرِيعَ الْإِحْصَاءِ. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ.
* * *وَقَوْلُهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا﴾ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، رَحِمَهُ اللَّهُ: أُمِرُوا أَنْ يَصْبِرُوا عَلَى دِينِهِمُ الَّذِي ارْتَضَاهُ اللَّهُ لَهُمْ، وَهُوَ الْإِسْلَامُ، فَلَا يَدْعُوهُ لِسَرَّاءَ وَلَا لضرّاءَ وَلَا لشِدَّة وَلَا لرِخَاء، حَتَّى يَمُوتُوا مُسْلِمِينَ، وَأَنْ يُصَابِرُوا الْأَعْدَاءَ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ(٣٠) دِينَهُمْ. وَكَذَلِكَ قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ عُلَمَاءِ السَّلَفِ.وَأَمَّا الْمُرَابَطَةُ فَهِيَ الْمُدَاوَمَةُ فِي مَكَانِ الْعِبَادَةِ وَالثَّبَاتِ. وَقِيلَ: انْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصلاة، قاله [مجاهد و](٣١) ابْنُ عَبَّاسٍ وَسَهْلُ بْنُ حُنَيف، وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ القُرَظي، وَغَيْرُهُمْ.وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ هَاهُنَا الْحَدِيثَ الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ، مِنْ حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْقُوبَ، مَوْلَى الحُرَقَة، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلم قال: "ألا أُخْبِرُكُمْ بِمَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟ إسباغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الخُطا إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاط، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ"(٣٢) .وَقَالَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا أَبُو جُحَيْفة(٣٣) عَلِيُّ ابن يَزِيدَ الْكُوفِيُّ، أَنْبَأَنَا ابْنُ أَبِي كَرِيمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ(٣٤) عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: أَقْبَلَ عليَّ أَبُو هُرَيْرَةَ يَوْمًا فَقَالَ: أَتَدْرِي يَا ابْنَ أَخِي فِيمَ نَزَلَتْ(٣٥) هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا﴾ ؟ قُلْتُ: لَا. قَالَ: أَمَا إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي زَمَانِ النَّبِيِّ ﷺ غَزْوٌ يُرَابِطُونَ فِيهِ، وَلَكِنَّهَا نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ يُعَمِّرُونَ الْمَسَاجِدَ، يُصَلُّونَ الصَّلَاةَ فِي مَوَاقِيتِهَا، ثُمَّ يَذْكُرُونَ اللَّهَ فِيهَا، فَعَلَيْهِمْ أُنْزِلَتْ: ﴿اصْبِرُوا﴾ أَيْ: عَلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ ﴿وَصَابِرُوا﴾ [عَلَى](٣٦) أَنْفُسِكُمْ وَهَوَاكُمْ ﴿وَرَابِطُوا﴾ فِي مَسَاجِدِكُمْ ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ﴾ فِيمَا عَلَيْكُمْ ﴿لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾(٣٧) .وَهَكَذَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورِ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -بِنَحْوِهِ(٣٨) .وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِبِ، حَدَّثَنِي ابْنُ فُضَيْلٍ(٣٩) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ شُرَحْبِيلَ، عَنْ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يُكَفِّر الذُّنُوبَ وَالْخَطَايَا؟ إسْباغُ الوُضُوء عَلَى الْمَكَارِهِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَذَلِكُمُ الرِّباط"(٤٠) .وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ أَيْضًا: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ سَهْل الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُهاجر، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ يَزِيدَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَة، عَنْ شُرَحْبيل، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "أَلَا أدُلُّكم عَلَى مَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا ويُكفّر بِهِ الذُّنُوبَ؟ " قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: "إِسْبَاغُ الوُضوء فِي أَمَاكِنِهَا، وَكَثْرَةُ الخُطا إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَذَلِكُمُ الرِّباط"(٤١) .وَقَالَ ابْنُ مَرْدُويه: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، أَنْبَأَنَا محمد بن عبد الله بن(٤٢) السَّلَامِ الْبَيْرُوتِيُّ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ الْأَنْطَاكِيُّ، أَنْبَأَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنْبَأَنَا الْوَازِعُ بن نافع، عن أبي سلمة بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: وَقَفَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: "هَلْ لَكُمْ(٤٣) إِلَى مَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الذُّنُوبَ وَيُعْظِمُ بِهِ الْأَجْرَ؟ " قُلْنَا: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا هُوَ؟ قَالَ: "إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ".قَالَ: "وَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ فَذَلِكَ هُوَ الرِّبَاطُ فِي الْمَسَاجِدِ" وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ جِدًّا(٤٤) .وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مُصْعَب بْنِ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْر، حَدَّثَنِي دَاوُدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: يَا ابْنَ أَخِي، هَلْ تَدْرِي فِي أَيِّ شَيْءٍ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ ﴿اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا﴾ ؟ قَالَ: قُلْتُ: لَا. قَالَ: إِنَّهُ -يَا ابْنَ أَخِي-لَمْ يَكُنْ فِي زَمَانِ النَّبِيِّ ﷺ غَزْو يُرَابَطُ فِيهِ، وَلَكِنَّهُ انْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ. رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ سياقُ ابْنِ مَرْدُويه، وَأَنَّهُ مِنْ كَلَامِ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ.وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْمُرَابَطَةِ هَاهُنَا مُرَابَطَةُ الْغَزْوِ فِي نُحور الْعَدُوِّ، وَحِفْظُ ثُغور الْإِسْلَامِ وَصِيَانَتُهَا عَنْ دُخُولِ الْأَعْدَاءِ إِلَى حَوْزَة بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ، وَقَدْ وَرَدَتِ الْأَخْبَارُ بِالتَّرْغِيبِ فِي ذَلِكَ، وذِكْر كَثْرَةِ الثَّوَابِ فِيهِ، فرَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ سَهْل بْنِ سَعْد السَّاعِدِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ(٤٥) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: "رباطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا"(٤٦) .حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَى مُسْلِمٌ، عَنْ سَلمان الفارسي، عن رسوله اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: "رباطُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَيْرٌ مِنْ صِيَامِ شَهْرٍ وَقِيَامِهِ، وَإنْ مَاتَ جَرَى عَلَيْهِ عَمَلُهُ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُهُ، وأجْرِيَ عَلَيْهِ رزْقُه، وأمِنَ الفَتَّان "(٤٧) .حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ حَيْوة بْنِ شُرَيح، أَخْبَرَنِي أَبُو هَانِئٍ الْخَوْلَانِيُّ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ مَالِكٍ الجَنْبي(٤٨) أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ فُضالة بْنَ عُبيد يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: "كُلُّ مَيِّتٍ يُخْتَمُ عَلَى عَمَلِهِ، إِلَّا الَّذِي مَاتَ مُرَابطًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ يَنْمى(٤٩) لَهُ عملُه إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَيَأْمَنُ فِتْنَةَ الْقَبْرِ".وَهَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هَانِئٍ الْخَوْلَانِيِّ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَأَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ أَيْضًا(٥٠) .حَدِيثٌ آخَرُ: وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَيْضًا عَنْ يَحْيَى بْنِ إِسْحَاقَ وَحَسَنِ بْنِ مُوسَى وَأَبِي(٥١) سعيد [وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ](٥٢) قَالُوا: حَدَّثَنَا(٥٣) ابْنُ لَهِيعة حَدَّثَنَا مَشْرَح بْنُ هَاعَانَ، سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: "كُلُّ مَيِّتٍ يُخْتَم لَهُ عَلَى عَمَلِهِ، إِلَّا الْمُرَابِطَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ يَجْرِي عَلَيْهِ(٥٤) عَمَلُهُ حَتَّى يُبْعَثَ وَيَأْمَنَ مِنَ الفَتَّان"(٥٥) .وَرَوَى الْحَارِثُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي أُسَامَةَ فِي مُسْنَدِهِ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، بِهِ إِلَى قَوْلِهِ: "حَتَّى يُبْعَثَ" دُونَ ذِكْرِ "الْفَتَّانِ"(٥٦) . وَابْنُ لَهِيعة إِذَا صَرَّحَ بِالتَّحْدِيثِ فَهُوَ حَسَن، وَلَا سِيَّمَا مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الشَّوَاهِدِ.حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْب، أَخْبَرَنِي اللَّيْث، عَنْ زُهرة بْنِ مَعْبَد(٥٧) عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيرة، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قال: "من مَاتَ مُرَابطًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أُجْرِيَ(٥٨) عَلَيْهِ عَمَلُهُ الصَّالِحُ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُ وأجْري عَلَيْهِ رِزْقُهُ، وَأَمِنَ مِنَ الْفَتَّانِ، وَبَعَثَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ آمِنًا مِنَ الفَزَع"(٥٩) .طَرِيقٌ أُخْرَى: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مُوسَى، أَنْبَأَنَا ابْنُ لَهِيعة، عَنْ مُوسَى بْنِ وَرْدان، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "مَنْ مَاتَ مُرَابطا وُقِيَ فِتنة الْقَبْرِ، وَأَمِنَ(٦٠) مِنَ الفَزَع الْأَكْبَرِ، وغَدَا عَلَيْهِ وَرِيحَ بِرِزْقِهِ مِنَ الْجَنَّةِ، وَكُتِبَ لَهُ أَجْرُ الْمُرَابِطِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ"(٦١) .حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عيَّاش، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَة الدُّؤَلِيِّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أُمِّ الدَّرْداء تَرْفَعُ الْحَدِيثَ قَالَتْ(٦٢) مَنْ رَابَطَ فِي شَيْءٍ مِنْ سَوَاحِلِ الْمُسْلِمِينَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَجْزَأَتْ عَنْهُ رِبَاطَ سَنَةٍ"(٦٣) .حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا كَهْمَس، حَدَّثَنَا مُصْعب بْنُ ثابت بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: قَالَ عُثْمَانُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -وَهُوَ يَخْطُبُ عَلَى مِنْبَرِهِ-: إِنِّي مُحدِّثكم حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لَمْ يَكُنْ يَمْنَعُنِي أَنْ أُحَدِّثَكُمْ بِهِ إِلَّا الضِّنُّ بِكُمْ، سَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "حَرْسُ لَيْلَةٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَفْضَلُ(٦٤) مِنْ أَلْفِ لَيْلَةٍ يُقَامُ لَيْلُهَا ويُصَام نَهَارُهَا"(٦٥) .وَهَكَذَا رَوَاهُ أَحْمَدُ أَيْضًا عَنْ رَوْح عَنْ كَهْمَسٍ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ عُثْمَانَ(٦٦) . وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ هِشَامِ بْنِ عمَّار، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عن أبيه، عن مُصْعب بن ثابت، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: خَطَبَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ النَّاسَ فقال: يأيها النَّاسُ، إِنِّي سَمِعْتُ حَدِيثًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أُحَدِّثَكُمْ بِهِ إِلَّا الضِّنُّ بِكُمْ وَبِصَحَابَتِكُمْ، فَليخْتَرْ مُخْتَار لِنَفْسِهِ أَوْ ليَدَعْ. سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: "مَنْ رَابطَ لَيْلة فِي سَبِيل اللَّهِ كَانَتْ كألْفِ لَيْلَةٍ صِيامها وقِيامها"(٦٧) .طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ عُثْمَانَ [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ](٦٨) قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلَّالُ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو(٦٩) عَقِيل زهْرَة بْنُ مَعْبد، عَنْ أَبِي صَالِحٍ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ -وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ-يَقُولُ: إِنِّي كَتَمْتُكُمْ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ كَرَاهية تَفَرُّقِكُمْ عَنِّي، ثُمَّ بَدَا لِي أَنْ أحدثكُمُوه، لِيَخْتَارَ امْرُؤٌ لِنَفْسِهِ مَا بَدَا لَهُ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "رباطُ يَوْمٍ فِي سَبِيل اللَّهِ خَير مِنْ أَلْفِ يَوْمٍ فِيمَا سِوَاه مِنَ الْمَنَازِلِ".ثُمَّ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، قَالَ مُحَمَّدٌ -يَعْنِي الْبُخَارِيَّ-: أَبُو صَالِحٍ مَوْلَى عُثْمَانَ اسْمُهُ بُرْكان(٧٠) وَذَكَرَ غَيْرُ التِّرْمِذِيِّ أَنَّ اسْمَهُ الْحَارِثُ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ(٧١) وَهَكَذَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ لَهِيعة وَعِنْدَهُ زِيَادَةٌ فِي آخِرِهِ فَقَالَ -يَعْنِي عُثْمَانَ-: فَلْيُرَابِطِ امْرُؤٌ كَيْفَ شَاءَ، هَلْ بَلَّغْتُ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ(٧٢) .حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُنْكَدر قَالَ: مَرَّ سَلْمان الْفَارِسِيُّ بشُرَحْبِيل بْنِ السِّمْط، وَهُوَ فِي مُرَابَط لَهُ، وَقَدْ شَق عَلَيْهِ وَعَلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: أَفَلَا(٧٣) أُحَدِّثُكَ -يَا ابْنَ السِّمْطِ-بِحَدِيثٍ سمعتُه مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ: سمعتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: "رِبَاط يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَفْضَلُ -أَوْ قَالَ: خَيْرٌ-مِنْ صِيَامِ شَهْرٍ وَقِيَامِهِ، وَمَنْ مَاتَ فِيهِ وُقي فِتْنَة الْقَبْرِ، ونَمَا لَهُ عَمَلُهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ".تَفَرَّدَ بِهِ التِّرْمِذِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ(٧٤) . وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ زِيَادَةٌ: وَلَيْسَ إِسْنَادُهُ بِمُتَّصِلٍ، وَابْنُ الْمُنْكَدِرِ لَمْ يُدْرِكْ سَلْمَانَ.قُلْتُ: الظَّاهِرُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ سَمِعَهُ مِنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ السِّمط وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ مَكْحُولٍ وَأَبِي عُبيدة بنُ عُقْبَةَ، كِلَاهُمَا عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ السِّمْطِ -وَلَهُ صُحْبَةٌ-عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: "رِباطُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَيْرٌ مِنْ صِيَامِ شَهْرٍ وَقِيَامِهِ، وَإِنْ مَاتَ جَرَى عَلَيْهِ عَمَلُهُ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُهُ، وأجرِي عَلَيْهِ رزقُه، وَأَمِنَ الفَتَّان" وَقَدْ تَقَدَّمَ(٧٥) سِيَاقُ مُسْلِمٍ بِمُفْرَدِهِ(٧٦) .حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ ابْنُ مَاجَهْ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَمُرة، حَدَّثَنَا(٧٧) مُحَمَّدُ بْنُ يَعْلى السُّلَمي، حَدَّثَنَا عُمَر بْنُ صُبَيْح، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرو، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "لربَاط يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، مِنْ وَرَاءِ عَوْرَة الْمُسْلِمِينَ مُحْتَسبًا، مِنْ غَيْرِ شَهْرِ رَمَضَانَ، أعظمُ أَجْرًا مِنْ عِبَادَةِ مِائَةِ سَنَةٍ، صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا. ورباطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، مِنْ وَرَاءِ عَوْرَةِ الْمُسْلِمِينَ مُحْتَسِبًا، مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَعْظَمُ أَجْرًا -أَرَاهُ قَالَ-: مِنْ عِبَادَةِ أَلْفِ سَنَةٍ صِيَامِهَا، وَقِيَامِهَا فَإِنْ رَدَّهُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى أَهْلِهِ سَالِمًا، لَمْ تُكْتَبْ(٧٨) عَلَيْهِ سَيِّئَةُ أَلْفِ سَنَةٍ، وَتُكْتَبُ لَهُ الْحَسَنَاتُ، ويُجْرَى لَهُ أَجْرُ الرِّبَاطِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ".هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، بَلْ مُنْكَرٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وعُمَر بْنُ صُبَيْح مُتَّهم(٧٩) .حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ ابْنُ مَاجَهْ: حَدثنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ الرمْلي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعيب بْنِ شَابُورَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ خَالِدِ بْنِ أَبِي طَوِيلٍ، سمعتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: "حَرْسُ لَيْلَةٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَفْضَلُ مِنْ صِيَامِ رَجُل وَقِيَامِهِ فِي أَهْلِهِ أَلْفَ سَنَةٍ: السَّنَةُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ(٨٠) يَوْمًا، وَالْيَوْمُ(٨١) كَأَلْفِ سَنَةٍ".وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ أَيْضًا(٨٢) وَسَعِيدُ بْنُ خَالِدٍ هَذَا ضَعَّفَه أَبُو زُرْعَة وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ، وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: لَا يُتَابَعُ عَلَى حَدِيثِهِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ. وَقَالَ الْحَاكِمُ: رَوَى عَنْ أَنَسٍ أَحَادِيثَ مَوْضُوعَةً.حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ ابْنُ مَاجَهْ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاح، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ مُحَمَّد بْنِ زائدَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ "رَحِمَ اللَّهُ حَارِسَ الْحَرَسِ"(٨٣) .فِيهِ انْقِطَاعٌ بَيْنَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، فَإِنَّهُ لَمْ يُدْرِكْهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ -يَعْنِي ابْنَ سَلَّامٍ عَنْ زَيْدٍ-يَعْنِي ابْنَ سَلَّامٍ-أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلَّامٍ قَالَ: حَدَّثَنِي السَّلُولِيُّ: أَنَّهُ حَدَّثَهُ سَهْلُ ابْنُ الْحَنْظَلِيَّةِ(٨٤) أَنَّهُمْ سَارُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ حُنين، فَأَطْنَبُوا السَّيْرَ حَتَّى كَانَتْ عَشِيّة، فَحَضَرْتُ الصَّلَاةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَجَاءَ رَجُلٌ فَارِسٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي انْطَلَقْتُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ حَتَّى طَلَعْتُ جَبَلَ كَذَا وَكَذَا، فَإِذَا أَنَا بهُوازن عَلَى بَكْرَة أَبِيهِمْ بظُعنهم ونَعَمِهم وشَائِهم(٨٥) اجْتَمَعُوا إِلَى حُنَيْنٍ، فَتَبَسَّمَ النَّبِيُّ ﷺ وَقَالَ: "تِلْكَ غَنِيمَة الْمُسْلِمِينَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ [تَعَالَى(٨٦) ] ". ثُمَّ قَالَ: "مَنْ يَحْرُسُنَا اللَّيْلَةَ؟ " قَالَ أَنَسُ بْنُ أَبِي مَرْثَدٍ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ(٨٧) فَارْكَبْ" فَرَكِبَ فَرَسًا لَهُ، فَجَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم، فقال له رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "اسْتَقْبِل هَذَا الشِّعْب حَتَّى تَكُونَ فِي أَعْلَاهُ وَلَا يَغَرَّن(٨٨) مِنْ قِبَلِك اللَّيْلَةَ" فَلَمَّا أَصْبَحْنَا خرَج رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إلى مُصَلاه فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ: "هَلْ أَحْسَسْتُمْ فَارِسَكُمْ؟ " قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَحْسَسْنَاهُ، فثُوِّب بِالصَّلَاةِ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ، وَهُوَ يُصَلِّي يَلْتَفِتُ إِلَى الشِّعْبِ، حَتَّى إِذَا قَضَى صَلَاتَهُ قَالَ: "أبْشِرُوا فَقَدْ جَاءَكُمْ فَارِسُكُمْ" فَجَعَلْنَا نَنْظُرُ إِلَى خِلال الشَّجَرِ فِي الشِّعْبِ، فَإِذَا هُوَ قَدْ جَاءَ، حَتَّى وَقَفَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: إِنِّي انْطَلَقْتُ حَتَّى كُنْتُ فِي أَعْلَى هَذَا الشِّعْبِ حَيْثُ رَسُولُ اللَّهِ(٨٩) ﷺ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ طَلَعْتُ الشِّعْبَيْنِ كِلَيْهِمَا، فَنَظَرْتُ فَلَمْ أَرَ أَحَدًا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "هل نَزَلْتَ اللَّيْلَةَ؟ " قَالَ: لَا إِلَّا مُصَلِّيًا أَوْ قَاضِيًا حَاجَةً، فَقَالَ لَهُ: "أوْجَبْتَ، فَلَا عَلَيْكَ أَلَّا تَعْمَلَ بَعْدَهَا".وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ الْحَرَّانِيِّ، عَنْ أَبِي تَوْبَةَ وَهُوَ الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ بِهِ(٩٠) .حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الحُبَاب: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُرَيح، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ شُمَير(٩١) الرُّعَيْني يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عَامِرٍ التَّجِيبي. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: وَقَالَ غَيْرُ زَيْدٍ: أَبَا عَلِيٍّ الجَنْبِي(٩٢) يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا رَيْحَانَةَ يَقُولُ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي غَزْوَةٍ، فَأَتَيْنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ إِلَى شَرَف فَبتْنَا عَلَيْهِ، فَأَصَابَنَا بَرْدٌ شَدِيدٌ، حَتَّى رأيتُ مَنْ يَحْفِرُ فِي الْأَرْضِ حُفْرَةً، يَدْخُلُ فِيهَا وَيُلْقِي عَلَيْهِ الجَحْفَة -يَعني التِّرس-فَلِمَا رَأَى ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِن النَّاسِ نَادَى: "مَنْ يَحْرُسُنا فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ فَأَدْعُوَ لَهُ بِدُعَاءٍ يَكُونُ لَهُ فِيهِ فَضْلٌ؟ " فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ: "ادْنُ" فَدَنَا، فَقَالَ: "مَنْ أَنْتَ؟ " فَتَسَمَّى لَهُ الْأَنْصَارِيُّ، فَفَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِالدُّعَاءِ، فَأَكْثَرَ مِنْهُ. فَقَالَ(٩٣) أَبُو رَيْحَانَةَ: فَلَمَّا سَمِعْتُ مَا دَعَا بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قُلْتُ(٩٤) أَنَا رَجُلٌ آخَرُ. فَقَالَ: "ادْنُ". فَدَنَوْتُ. فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: فَقُلْتُ: أَنَا أَبُو رَيْحَانَةَ. فَدَعَا بِدُعَاءٍ هُوَ دُونَ مَا دَعَا لِلْأَنْصَارِيِّ، ثُمَّ قَالَ: "حُرِّمَت النَّارُ عَلَى عَيْنٍ دَمِعَت -أَوْ بَكَتْ-مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، وَحُرِّمَتِ النَّارُ عَلَى عَيْنٍ سَهِرَتْ فِي سَبِيل اللَّهِ".وَرَوَى النَّسَائِيُّ مِنْهُ: "حُرِّمَتِ النَّارُ ... " إِلَى آخِرِهِ عَنْ عِصْمَة بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ الْحُبَابِ بِهِ، وَعَنِ الْحَارِثِ بْنِ مِسْكِينٍ، عَنِ ابْنِ وَهْب، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شُرَيح، بِهِ، وَأَتَمَّ، وَقَالَ فِي الرِّوَايَتَيْنِ: عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْجَنْبِيِّ(٩٥)(٩٦) .حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الجَهْضَمِيّ، حَدَّثَنَا بِشْر بْنُ عُمَر، حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ رزَيق أَبُو شَيْبة، حَدَّثَنَا عطَاء الْخُرَاسَانِيُّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاح، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: "عَيْنان لَا تَمَسُّهما النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، وَعَيْنٌ باتت تَحْرُسُ في سبيل الله".ثُمَّ قَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ شُعَيب بْنِ رُزَيق(٩٧) قَالَ: وَفِي الْبَابِ عَنْ عُثْمَانَ وَأَبِي رَيْحَانَةَ(٩٨) قُلْتُ: وَقَدْ تَقَدَّمَا، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ غَيْلان، حَدَّثَنَا رِشْدين، عن زَبّان(٩٩) عن سهل بن معاذ عَنْ أَبِيهِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ: " مَنْ حَرَس مِنْ وَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مُتَطَوِّعًا لَا بِأُجْرَةِ سُلْطَانٍ، لَمْ يَرَ النَّارَ بِعَيْنَيْهِ إِلَّا تَحِلَّة القَسَم، فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: ﴿وَإِنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا﴾ [مَرْيَمَ:٧١] .تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ(١٠٠) رَحِمَهُ اللَّهُ [تَعَالَى](١٠١) .حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: " تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَعَبْدُ الدِّرْهَم وَعَبْدُ الخَميصة، إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ سَخِط، تَعس وانتكَسَ، وَإِذَا شِيكَ فَلَا انْتَقَش(١٠٢) طُوبَى لعَبدٍ آخذٍ بِعِنَانِ فَرَسه فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أشعثَ رأسُهُ، مُغَبَّرةٍ قَدَمَاهُ، إِنْ كَانَ فِي الْحِرَاسَةِ كَانَ فِي الْحِرَاسَةِ، وَإِنْ كَانَ فِي السَّاقة كَانَ فِي السَّاقَةِ، إِنِ اسْتَأْذَنَ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ، وَإِنْ شَفَع لَمْ يُشفَّعْ"(١٠٣) .فَهَذَا مَا تَيَسَّر إِيرَادُهُ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهَذَا الْمَقَامِ، وَلِلَّهِ الحمدُ عَلَى جَزِيلِ الْإِنْعَامِ، عَلَى تَعَاقُبِ الْأَعْوَامِ وَالْأَيَّامِ.وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي المُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُطَرِّف بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَدَنِيُّ(١٠٤) حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: كَتَبَ أَبُو عُبَيْدَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَذْكُرُ لَهُ جُمُوعًا مِنَ الرُّومِ وَمَا يَتَخَوَّفُ مِنْهُمْ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ مَهْمَا يَنزلْ بِعَبْدٍ مُؤْمِنٍ مِنْ مَنزلة شِدَّةٍ يَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَهَا فَرَجَا، وَإِنَّهُ لَنْ يَغْلِبَ عُسْر يُسْرَيْنِ، وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾(١٠٥) .وَقَدْ رَوَى الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَرْجَمَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ(١٠٦) مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي سُكَيْنَةَ قَالَ: أَمْلَى عَلَيَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ هذه الأبيات بطرسوس، وودعته للخروج، وأنشدها مَعِي إِلَى الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ فِي سَنَةِ سَبْعِينَ وَمِائَةٍ، وَفِي رِوَايَةٍ: سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ: يَا عابدَ الْحَرَمَيْنِ لَوْ أبْصَرْتَنا ... لَعَلمْتَ أنكَ فِي العبادِة تلعبُ ...مَنْ كَانَ يَخْضِبُ خدَّه بدموعِه ... فَنُحورنا بِدِمَائِنَا تَتَخضَّب ...أَوْ كَانَ يُتْعِبُ خَيْلَه فِي باطلٍ ... فخُيولنا يومَ الصبِيحة تَتْعبُ ...ريحُ العبيرِ لَكُمْ ونحنُ عبيرُنا ... وَهجُ السنابِك والغبارُ الأطيبُ ...ولَقَد أَتَانَا مِنْ مَقَالِ نَبِيِّنَا ... قَوْلٌ صَحيح صَادِقٌ لَا يَكْذبُ ...لَا يَسْتَوِي وَغُبَارَ خَيْلِ اللَّهِ فِي ... أَنْفِ امْرِئٍ ودخانَ نَارٍ تَلْهَبُ ...هَذَا كِتَابُ اللَّهِ يَنْطق بَيْنَنَا ... لَيْسَ الشهيدُ بمَيِّت لَا يَكْذبُ ...قَالَ: فَلَقِيتُ الفُضيل بْنَ عِيَاضٍ بِكِتَابِهِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَلَمَّا قَرَأَهُ ذَرِفَتْ عَيْنَاهُ وَقَالَ: صَدَق أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَنَصَحَنِي، ثُمَّ قَالَ: أَنْتَ مِمَّنْ يَكْتُبُ الْحَدِيثَ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: فَاكْتُبْ هَذَا الْحَدِيثَ كرَاءَ حَمْلِكَ كِتَابَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِلَيْنَا. وَأَمْلَى عَلَيّ الفُضيل بْنُ عِيَاضٍ: حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلمني عَمَلًا أَنَالُ بِهِ ثَوَابَ الْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَالَ: " هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُصَلِّي فَلَا تَفْتُر وتصومَ فَلَا تُفْطِر؟ " فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا أضْعَفُ مِنْ أَنْ أَسْتَطِيعَ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: " فَوالَّذي نَفْسِي بِيَدِه لَوْ طُوقْتَ ذَلِكَ مَا بلغتَ الْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوَمَا عَلمتَ أَنَّ الْفَرَسَ الْمُجَاهِدَ ليَسْتَنُّ فِي طِوَله فَيُكْتَبُ لَهُ بِذَلِكَ الْحَسَنَاتُ"(١٠٧) .
* * *وَقَوْلُهُ: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ﴾ أَيْ: فِي جَمِيعِ أُمُورِكُمْ وَأَحْوَالِكُمْ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِمُعَاذِ [بْنِ جَبَلٍ](١٠٨) [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ](١٠٩) حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ: " اتَّق اللَّهَ حَيْثُما كُنْتَ وأتْبع السيئَة الْحَسَنَةَ تَمْحُها وَخَالِقِ النَّاسَ بخُلق حَسَنٍ ".﴿لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ أَيْ: فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنْبَأَنَا أَبُو(١١٠) صَخْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ القُرَظي: أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ وَاتَّقُوا اللَّهَ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ، لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ غَدًا إِذَا لَقِيتُمُونِي.آخَرُ تَفْسِيرِ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ، نَسْأَلُهُ الْمَوْتَ على الكتاب والسنة.
(١) في جـ أ: "تتلى".
(٢) زيادة من جـ، ر، و. وفي هـ: "إلى قوله تعالى".
(٣) زيادة من جـ، ر، أ.
(٤) في جـ، ر: "القساقسة".
(٥) في جـ، ر: "أخضلوا".
(٦) في جـ، ر، أ، و: "رسول الله".
(٧) في جـ: "أخاكم".
(٨) زيادة من جـ، أ، و.
(٩) صحيح البخاري برقم (١٣٢٠) وصحيح مسلم برقم (٩٥٢) من حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
(١٠) في ر: "عن".
(١١) في جـ، ر: "أنس".
(١٢) ورواه الطبراني في المعجم الأوسط برقم (٢٦٨٨) من طريق مُؤَمَّلِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ بِهِ. ثُمَّ قَالَ: "لم يروه عن حماد إلا مؤمل".
(١٣) زيادة من أ، و.
(١٤) ورواه الطبراني في الأوسط برقم (٣٩٢٨) "مجمع البحرين" مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ حميد عن أنس به. قال الهيثمي في المجمع (٣/٣٨) : "رجاله ثقات". ورواه الواحدي في الوسيط (١/٥٣٦) من طريق معتمر بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ بِهِ.
(١٥) في ر: "وابن".
(١٦) زيادة من جـ، ر.
(١٧) زيادة من جـ، أ.
(١٨) زيادة من جـ، ر، أ، و.
(١٩) تفسير الطبري (٧/٤٩٦) .
(٢٠) في جـ، ر: "إنا نحب".
(٢١) المستدرك (٢/٣٠٠) وأقره الذهبي.
(٢٢) في جـ، أ: "في".
(٢٣) سنن أبي داود بررقم (٢٥٢٣) .
(٢٤) زيادة من جـ، ر، أ، و.
(٢٥) في جـ، ر: "إحدى اثنتين".
(٢٦) في أ: "للذين".
(٢٧) في جـ، ر، أ، و: "الإسلام".
(٢٨) صحيح البخاري برقم (٩٧) وصحيح مسلم برقم (١٥٤) .
(٢٩) في أ: "بينهم".
(٣٠) في ر، أ، و، "يملون".
(٣١) زيادة من و.
(٣٢) رواه مالك في الموطأ في قصر الصلاة برقم (٥٥) ومن طريقه مسلم في صحيحه برقم (٢٥١) والنسائي في السنن الكبرى برقم (١٣٩) .
(٣٣) في جـ: "حجية"، وفي أ: "جحيفة".
(٣٤) في أ: "سويد".
(٣٥) في جـ، ر، أ، و: "أنزلت".
(٣٦) زيادة من أ.
(٣٧) ذكره السيوطي في الدر (٢/٤١٧) وعزاه لابن مردويه.
(٣٨) المستدرك (٢/٣٠١) وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه" وأقره الذهبي. ورواه الطبري في تفسيره (٧/٥٠٤) من طريق ابن الْمُبَارَكِ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ دَاوُدَ من كلام أبي سلمة كما سيأتي.
(٣٩) في ر: "فضل".
(٤٠) تفسير الطبري (٧/٥٠٥) وفي إسناده المقبري: عبد الله بن سعيد، ضعيف ورمى بالكذب.
(٤١) تفسير الطبري (٧/٥٠٥، ٥٠٦) ورواه البزار (١/٢٢٣) "كشف الأستار" وقال: "لا نعلم يروى هذا عن جابر بغير هذا الإسناد" ورواه ابن حبان في صحيحه برقم (١٦١) "موارد" كلاهما من طريق محمد بن سلمة عن خالد بن يزيد عن محمد بن سلمة به.
(٤٢) في جـ، ر، أ، و: "عبد الله بن عبد السلام".
(٤٣) في جـ، أ: "هل أدلكم".
(٤٤) وفي إسناده الوازع بن نافع، قال ابن معين: ليس بثقة. وقال البخاري: منكر الحديث وتركه النسائي. وقال ابن عدي: عامة ما يرويه الوازع غير محفوظ. ميزان الاعتدال (٤/٣٢٧) .
(٤٥) في أ، و: "عنهما".
(٤٦) صحيح البخاري برقم (٢٨٩٢) .
(٤٧) صحيح مسلم برقم (١٩١٣) .
(٤٨) في أ: "الختني".
(٤٩) في جـ، ر: "ينمو".
(٥٠) المسند (٦/٢٠) وسنن أبي داود برقم (٢٥٠٠) وسنن الترمذي برقم (١٦٢١) وصحيح ابن حبان (٧/٦٩) "الإحسان".
(٥١) في جـ، أ: "أبو".
(٥٢) زيادة من جـ، ر، أ، و.
(٥٣) في جـ، ر، أ، و: "كلهم عن عبد الله بن لهيعة".
(٥٤) في أ: "له".
(٥٥) المسند (٣/١٥٧) وقال الهيثمي في المجمع (٥/٢٨٩) : "فيه ابن لهيعة وحديثه حسن".
(٥٦) مسند الحارث برقم (٦٢٧) "بغية الباحث" ورواية عبد الله بن يزيد عن ابن لهيعة صحيحة، فهو ممن روى عنه قبل الاختلاط.
(٥٧) في ر: "وابن سعيد".
(٥٨) في أ، و: "أجر".
(٥٩) سنن ابن ماجة برقم (٢٧٦٧) وقال البوصيري في الزوائد (٢/٣٩١) : "هذا إسناد صحيح رجاله ثقات".
(٦٠) في ر: "وأومن".
(٦١) المسند (٢/٤٠٤) .
(٦٢) في ر، أ، و: "قال".
(٦٣) المسند (٦/٣٦٢) وقال الهيثمي في المجمع (٥/٢٨٩) : "رواه أحمد والطبراني من رواية إسماعيل بن عياش عن طريق المدنيين وبقية رجاله ثقات".
(٦٤) في أ: "خير".
(٦٥) المسند (١/٦٤) .
(٦٦) المسند (١/٦١) .
(٦٧) سنن ابن ماجة برقم (٢٧٦٦) وقال البوصيري في الزوائد (٢/٣٩٠) : "إسناده ضعيف".
(٦٨) زيادة من و.
(٦٩) في جـ: "أبي".
(٧٠) في جـ، أ: "تركان".
(٧١) سنن الترمذي برقم (١٦٦٧) ورواه النسائي في السنن (٦/٣٩) .
(٧٢) المسند (١/٦٢) .
(٧٣) في جـ: "ألا".
(٧٤) سنن الترمذي برقم (١٦٦٥) .
(٧٥) في جـ: "قدم".
(٧٦) صحيح مسلم برقم (١٩١٣) وسنن النسائي (٣٩١٦) .
(٧٧) في جـ: "قال: حدثنا".
(٧٨) في جـ: "يكتب".
(٧٩) سنن ابن ماجة برقم (٢٧٦٨) .
(٨٠) في جـ، ر، أ: "وستين".
(٨١) في جـ، ر: "يوم اليوم".
(٨٢) سنن ابن ماجة برقم (٢٧٧٠) .
(٨٣) سنن ابن ماجة برقم (٢٧٦٩) وقال البوصيري في الزوائد (٢/٣٩٤) : "هذا إسناد ضعيف. صالح بن محمد ضعفه ابن معين وأبو زرعة وأبو حاتم والبخاري وأبو داود والنسائي وابن عدي وغيرهم".
(٨٤) في ر: "الحنطلية".
(٨٥) في ر، أ: "وشياههم".
(٨٦) زيادة من جـ، أ.
(٨٧) في جـ، أ، و: "قال".
(٨٨) في جـ، أ، و: "تغرن".
(٨٩) في جـ، ر، أ: "حيث أمرني رسول الله".
(٩٠) سنن أبي داود برقم (٢٥٠١) والنسائي في السنن الكبرى برقم (٨٨٧٠) .
(٩١) في جـ، ر: "سمير".
(٩٢) في جـ، ر، و: "الحنفي".
(٩٣) في جـ، ر، أ، و: "قال".
(٩٤) في جـ، ر: "فقلت".
(٩٥) في أ، و: "التجيبي".
(٩٦) المسند (٤/١٣٤) وسنن النسائي (٥/١٥) .
(٩٧) في أ: "زريق".
(٩٨) سنن الترمذي برقم (١٦٣٩) .
(٩٩) في ر: "رثان".
(١٠٠) المسند (٣/٤٣٧) .
(١٠١) زيادة من ر.
(١٠٢) في ر: "انتفش".
(١٠٣) صحيح البخاري برقم (٢٨٨٦) .
(١٠٤) في ر: "المديني".
(١٠٥) تفسير الطبري (٧/٥٠٣) ورواه الحاكم في المستدرك (٢/٣٠٠) من طريق زيد بن أسلم به وقال: صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي.
(١٠٦) انظر: مخنصر تاريخ دمشق لابن منظور (١٤/٢٢) .
(١٠٧) رواه أحمد في المسند (٥/٢٣٦) .
(١٠٨) زيادة من أ.
(١٠٩) زيادة من و.
(١١٠) في أ: "ابن".
(تفسير ابن كثير — ابن كثير (٧٧٤ هـ))