الاثنين، 7 أكتوبر 2024

من سورة يوسف

صدقة جارية 
تفسير اية رقم ١١١
من سورة يوسف 
﴿لَقَدۡ كَانَ فِی قَصَصِهِمۡ عِبۡرَةࣱ لِّأُو۟لِی ٱلۡأَلۡبَـٰبِۗ مَا كَانَ حَدِیثࣰا یُفۡتَرَىٰ وَلَـٰكِن تَصۡدِیقَ ٱلَّذِی بَیۡنَ یَدَیۡهِ وَتَفۡصِیلَ كُلِّ شَیۡءࣲ وَهُدࣰى وَرَحۡمَةࣰ لِّقَوۡمࣲ یُؤۡمِنُونَ﴾ [يوسف ١١١]

يَقُولُ تَعَالَى: لَقَدْ كَانَ فِي خَبَرِ الْمُرْسَلِينَ مَعَ قَوْمِهِمْ، وَكَيْفَ أَنْجَيْنَا(١) الْمُؤْمِنِينَ وَأَهْلَكْنَا الْكَافِرِينَ ﴿عِبْرَةٌ لأولِي الألْبَابِ﴾ وَهِيَ الْعُقُولُ، ﴿مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى﴾ أَيْ: وَمَا كَانَ لِهَذَا الْقُرْآنِ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ، أَيْ: يُكَذَّبَ ويُختلق، ﴿وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ أَيْ: مِنَ الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ مِنَ السَّمَاءِ، وَهُوَ يُصَدِّقُ مَا فِيهَا مِنَ الصَّحِيحِ، وَيَنْفِي مَا وَقَعَ فِيهَا مِنْ تَحْرِيفٍ وَتَبْدِيلٍ وَتَغْيِيرٍ، وَيَحْكُمُ عَلَيْهَا بِالنَّسَخِ أَوِ التَّقْرِيرِ، ﴿وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ﴾ مِنْ تَحْلِيلٍ وَتَحْرِيمٍ، وَمَحْبُوبٍ وَمَكْرُوهٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَمْرِ بِالطَّاعَاتِ وَالْوَاجِبَاتِ وَالْمُسْتَحَبَّاتِ، وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُحَرَّمَاتِ وَمَا شَاكَلَهَا مِنَ الْمَكْرُوهَاتِ، وَالْإِخْبَارِ عَنِ الْأُمُورِ عَلَى الْجَلِيَّةِ، وَعَنِ الْغُيُوبِ الْمُسْتَقْبَلَةِ الْمُجْمَلَةِ وَالتَّفْصِيلِيَّةِ، وَالْإِخْبَارِ عَنِ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِالْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، وَتَنْزِيهِهِ عَنْ مُمَاثَلَةِ الْمَخْلُوقَاتِ، فَلِهَذَا كَانَ: ﴿هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ تَهْتَدِي بِهِ قُلُوبُهُمْ مِنَ الْغَيِّ إِلَى الرَّشَادِ، وَمِنَ الضَّلَالَةِ إِلَى السَّدَادِ، وَيَبْتَغُونَ بِهِ الرَّحْمَةَ مِنْ رَبِّ الْعِبَادِ، فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْمَعَادِ. فَنَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ أَنْ يَجْعَلَنَا مِنْهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، يَوْمَ يَفُوزُ بِالرِّبْحِ المُبْيَضَّة وُجُوهُهُمُ النَّاضِرَةُ، وَيَرْجِعُ(٢) المسودَّة وجوهُهم بِالصَّفْقَةِ الْخَاسِرَةِ.آخَرُ تَفْسِيرِ سُورَةِ يُوسُفَ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ وَبِهِ الْمُسْتَعَانُ وَعَلَيْهِ التكلان، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

(١) في ت، أ: "نجينا".
(٢) في ت: "وترجع".

(تفسير ابن كثير — ابن كثير (٧٧٤ هـ))

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق