http://www.recitequran.com/ar/tafsir/ar.ibn-kathir/34:1
٣٤
سَبَإ
مكية
ابن كثير - العربية
الآية
١
الصفحة ٤٢٨
وهي مكية
يخبر تعالى عن نفسه الكريمة أن له الحمد المطلق في الدنيا والآخرة; لأنه المنعم المتفضل على أهل الدنيا والآخرة ، المالك لجميع ذلك ، الحاكم في جميع ذلك ، كما قال : ( وهو الله لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون ) [ القصص : 70 ] ; ولهذا قال هاهنا : ( الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض ) أي : الجميع ملكه وعبيده وتحت قهره وتصرفه ، كما قال : ( وإن لنا للآخرة والأولى ) [ الليل : 13 ] .
ثم قال : ( وله الحمد في الآخرة ) ، فهو المعبود أبدا ، المحمود على طول المدى . وقال : ( وهو الحكيم ) أي : في أقواله وأفعاله وشرعه وقدره ، ( الخبير ) الذي لا تخفى عليه خافية ، ولا يغيب عنه شيء .
وقال مالك عن الزهري : خبير بخلقه ، حكيم بأمره; ولهذا قال :
يخبر تعالى عن نفسه الكريمة أن له الحمد المطلق في الدنيا والآخرة; لأنه المنعم المتفضل على أهل الدنيا والآخرة ، المالك لجميع ذلك ، الحاكم في جميع ذلك ، كما قال : ( وهو الله لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون ) [ القصص : 70 ] ; ولهذا قال هاهنا : ( الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض ) أي : الجميع ملكه وعبيده وتحت قهره وتصرفه ، كما قال : ( وإن لنا للآخرة والأولى ) [ الليل : 13 ] .
ثم قال : ( وله الحمد في الآخرة ) ، فهو المعبود أبدا ، المحمود على طول المدى . وقال : ( وهو الحكيم ) أي : في أقواله وأفعاله وشرعه وقدره ، ( الخبير ) الذي لا تخفى عليه خافية ، ولا يغيب عنه شيء .
وقال مالك عن الزهري : خبير بخلقه ، حكيم بأمره; ولهذا قال :
(
يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها ) أي : يعلم عدد القطر النازل في
أجزاء الأرض ، والحب المبذور والكامن فيها ، ويعلم ما يخرج من ذلك : عدده
وكيفيته وصفاته ، ( وما ينزل من السماء ) أي : من قطر ورزق ، ( وما يعرج
فيها ) أي : من الأعمال الصالحة وغير ذلك ، ( وهو الرحيم الغفور ) أي :
الرحيم بعباده فلا يعاجل عصاتهم بالعقوبة ، الغفور عن ذنوب [ عباده ]
التائبين إليه المتوكلين عليه .
هذه
إحدى الآيات الثلاث التي لا رابع لهن ، مما أمر الله رسوله صلى الله عليه
وسلم أن يقسم بربه العظيم على وقوع المعاد لما أنكره من أنكره من أهل الكفر
والعناد ، فإحداهن في سورة يونس : ( ويستنبئونك أحق هو قل إي وربي إنه لحق
وما أنتم بمعجزين ) [ يونس : 53 ] ، والثانية هذه : ( وقال الذين كفروا لا
تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم ) ، والثالثة في التغابن : ( زعم
الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على
الله يسير ) [ التغابن : 7 ] ، فقوله : ( قل بلى وربي لتأتينكم ) ، ثم
وصفه بما يؤكد ذلك ويقرره : ( عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في
السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين ) .
قال مجاهد وقتادة : ( لا يعزب عنه ) لا يغيب عنه ، أي : الجميع مندرج تحت علمه فلا يخفى عليه منه شيء ، فالعظام وإن تلاشت وتفرقت وتمزقت ، فهو عالم أين ذهبت وأين تفرقت ، ثم يعيدها كما بدأها أول مرة ، فإنه بكل شيء عليم .
قال مجاهد وقتادة : ( لا يعزب عنه ) لا يغيب عنه ، أي : الجميع مندرج تحت علمه فلا يخفى عليه منه شيء ، فالعظام وإن تلاشت وتفرقت وتمزقت ، فهو عالم أين ذهبت وأين تفرقت ، ثم يعيدها كما بدأها أول مرة ، فإنه بكل شيء عليم .
ثم
بين حكمته في إعادة الأبدان وقيام الساعة بقوله : ( ليجزي الذين آمنوا
وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة ورزق كريم والذين سعوا في آياتنا معاجزين )
أي : سعوا في الصد عن سبيل الله وتكذيب رسله ، ( أولئك لهم عذاب من رجز
أليم ) أي : لينعم السعداء من المؤمنين ، ويعذب الأشقياء من الكافرين ، كما
قال : ( لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون ) [
الحشر : 20 ] ، وقال تعالى : ( أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات
كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار ) .
(
ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة ورزق كريم والذين سعوا
في آياتنا معاجزين ) أي : سعوا في الصد عن سبيل الله وتكذيب رسله ، (
أولئك لهم عذاب من رجز أليم ) أي : لينعم السعداء من المؤمنين ، ويعذب
الأشقياء من الكافرين ، كما قال : ( لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة
أصحاب الجنة هم الفائزون ) [ الحشر : 20 ] ، وقال تعالى : ( أم نجعل الذين
آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار ) .
وقوله
: ( ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ) . هذه حكمة
أخرى معطوفة على التي قبلها ، وهي أن المؤمنين بما أنزل على الرسل إذا
شاهدوا قيام الساعة ومجازاة الأبرار والفجار بالذي كانوا قد علموه من كتب
الله في الدنيا رأوه حينئذ عين اليقين ، ويقولون يومئذ أيضا : ( لقد جاءت
رسل ربنا بالحق ) [ الأعراف : 43 ] ، ويقال أيضا : ( هذا ما وعد الرحمن
وصدق المرسلون ) [ يس : 52 ] ، ( لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث
فهذا يوم البعث ) [ الروم : 56 ] ، ( ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل
إليك من ربك هو الحق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد ) . العزيز هو : المنيع
الجناب ، الذي لا يغالب ولا يمانع ، بل قد قهر كل شيء ، الحميد في جميع
أقواله وأفعاله وشرعه ، وقدره ، وهو المحمود في ذلك كله .
هذا
إخبار من الله عن استبعاد الكفرة الملحدين قيام الساعة واستهزائهم بالرسول
صلى الله عليه وسلم في إخباره بذلك : ( وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل
ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق ) أي : تفرقت أجسادكم في الأرض وذهبت فيها كل
مذهب وتمزقت كل ممزق : ( إنكم ) أي : بعد هذا الحال ( لفي خلق جديد ) أي :
تعودون أحياء ترزقون بعد ذلك ، وهو في هذا الإخبار لا يخلو أمره من قسمين :
إما أن يكون قد تعمد الافتراء على الله أنه قد أوحى إليه ذلك ، أو أنه لم
يتعمد لكن لبس عليه كما يلبس على المعتوه والمجنون; ولهذا قالوا :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق